التنويم المغناطيسي بين الحقيقة والخيال

لنفترض أنك تشاهد برنامجاً أو فيلماً، البطل الآن يقوم بضرب وفجأة تدور الكاميرا بشكل ليس له مثيل و صوت الموسيقى المستخدم بعناية لجذب إنتباهك و تعابير وجه البطل توحي بقوة اللكمة التي سيوجهها، فتفكر و قد تصرخ أحيانا، يالها من حركة. و تندمج نفسيتك مع الفيلم و مع البطل و تعطي كل تركيزك وانتباهك للفيلم حتى ظهور الكتابة التي تعلن عن نهاية الفيلم!.

لقد نسيت أن هذا كله مجرد تمثيل وأن هذه ليست سوى قصة مبتكرة من المستحيل وقوعها، و لكن لماذا كل هذا التأثر والإنجذاب للفيلم و الاندماج معه؟. إن ظاهرة الاندماج هذه تسمى بظاهرة النوم المغناطيسي الجزئي، فالحقيقة العلمية تقول إنك عندما تشاهد الفيلم وتندمج معه فإنك تنام مغناطيسياً بشكل جزئي ولعل عدم إحساسك بما حولك يثبت لك صحة هذه الحقيقة، فإن اتصالك بالعالم الخارجي أثناء مشاهدتك للفيلم يكون ضعيفاً، ومقدار هذا الضعف يعتمد على مدى انجذابك للفيلم.

و هنا يتبادر إلى ذهنك السؤال: لماذا يا ترى أنجذب للفيلم؟ إن المؤثرات والتمثيل والصوت والتصوير والعامل النفسي يؤثران في عملية الانجذاب للفيلم، فإن أنت إقتنعت بما تراه من المؤثرات والصوت، فإنك ستنجذب إلى الفيلم، أما إذا لم تقتنع بالفيلم فسوف لن تحس بأي انجذاب نحوه بل وتبدأ بنقد الفيلم.

إن أهم نقطة هي أنك كيف انجذبت إلى الفيلم مع سابق علمك بأن كل ما تراه تمثيل؟ هنا تأتي النقطة المهمة في الموضوع.


العقل الداخلي و العقل الخارجي:
لتفسير هذه الظاهرة قام العلماء بتقسيم العقل - من أجل توضيح الفكرة - إلى قسمين: العقل الداخلي و العقل الخارجي.

العقل الداخلي هو منشأ الأفكار الخيالية، أي أنك مثلاً تفكر بأنك تستطيع الطيران أو تستطيع اختراق الجدران.
بينما العقل الخارجي يعمل على تصحيح الأفكار الناشئة عن العقل الداخلي.

و لكن العقل الخارجي يمر أحياناً بأوقات راحة فيأخذ العقل الداخلي فرصته و يبدأ بطرح أفكاره الخيالية عليك، والوقت الذي يتوقف فيه العقل الخارجي عن العمل هو وقت النوم. و الدليل على ذلك هو عندما تحلم، فإنك تصدق الأحداث الواقعة فعلاً و تجزم بأن هذه حقيقة، و لكن عندما تصحى من النوم يبدأ العقل الخارجي في العمل ليخبرك أن مارأيته لا يتعدى حدود الأحلام.

الفيلم استطاع أن يثبت لك أثناء عرضه بأن ماتراه حقيقة مع أنه خيال و هذا هو النوم المغناطيسي الكلي. أن ظاهرة النوم المغناطيسي ظاهرة طبيعية ملازمة لنا في كل يوم.

مثال أخر على هذا الموضوع، انك الأن وأنت تقرأ الموضوع ضعف اتصالك بالعالم الخارجي، و اندمجت مع الموضوع فأصبحت منوماً مغناطيسياً، هذا طبعاً في حال كونك أعجبت بالموضوع، وقس على ذلك أي حالة يذهب فيها اهتمامك نحو شيء معين، فأنت عندما تدرس، تتحدث باندماج، تسمع الأخبار، تشاهد التلفاز، تجلس أمام شاشة الكمبيوتر؛ كل هذا فإنك تكون نائماً مغناطيسياً، و هذا طبعاً يعتمد على مدى انجذابك إلى هذه الأشياء.

ولاحظ دائما مدى أهمية السلاسة والأسلوب من أجل جعل الطرف الآخر يقتنع وينام مغناطيسياً!.